تعريف مصطلح ( الاتصال السياسي ) :
يشكل الاتصال أساس التفاعلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بحسبان أن
المرء لا يستطيع التفاعل مع غيره إلا إذا تمكن من الاتصال بهم ، ويقصد بالاتصال
السياسي عملية نقل الرسائل فيما بين الفاعلين السياسيين على الأصعدة المحلية
والوطنية والدولية من ناحية وبينهم وبين المواطنين العاديين من ناحية أخرى .
ويتكون نسق الاتصال السياسي ، شأنه شأن أي نسق اتصالي ، من مرسل ورسالة
وقناة نقل الرسالة ، ومستقبل .
والمرسل / والمستقبل ، قد يكون فاعلاً سياسياً
( فرد – جماعة – مؤسسة سياسية – منظمة دولية –مواطناً عادياً .. الخ ) .
والرسالة في اغلب الأحيان تكون مكتوبة أو شفوية ، فيما تكون في بعض الأحيان
فعلاً ، أو سلوكاً ( التصويت – الاغتيال السياسي – إرسال أسطول حول العالم – وضع حجر
أساس – قص شريط – زيارة لموقع إنتاجي أو خدمي – التظاهر والأضراب والتصفيق .. الخ
) ز
ويتم نقل الجزء الأكبر من الرسائل السياسية عن طريق وسائل الإعلام
والمؤسسات الحكومية والأحزاب وجماعات المصالح والبعثات الدبلوماسية ، فضلاً عن
الاتصال الشخصي أو بالمواجهة .
واذا كانت دراسة الاتصال السياسي قديمة قدم الفكر السياسي ذاته ، إلا أن الأدبيات
السياسية الحديثة والمعاصرة أولت اهتماماً بارزاً لتحليل أشكال الاتصال ومضامين
الرسائل وقنوات نقلها ، وتأثيرها على المستقبلين .
وفي هذا الشأن ، برز منهج تحليل المحتوى كأداة بالغة الأهمية والقيمة في
الكشف عن أطروحات وأفكار ومعاني الرسائل ، فيما استخدمت الاستبيانات والمقابلات
لدراسة ما تطرحه من تأثيرات على المستقبل .
ومن بين علماء السياسة المعاصرين ، يقفز اسم ( كارل ديتش ) الذي يعد رائداً
في توجيه النظر للاتصال السياسي كبؤرة مركزية لعلم السياسية ، ولعملية الاتصال
بحسبانها الجانب المحوري في أي نظام سياسي .
إن الاتصال ، برأيه يشكل عصب النظام السياسي الذي لا يعدو أن يكون شبكه
اتصالية واسعة ، وقد عرض أطروحاته وأفكاره بهذا الخصوص في مؤلفه الشهير " أعصاب
الحكومة " وجاء فيه أن النظام السياسي يضم أربعة انساق فرعية هي نسق
الاستقبال ونسق الذاكرة ، ونسق القيم ونسق التنفيذ .
وتتلقى أجهزة الاستقبال المعلومات من بيئة النظام الداخلية والخارجية لتقوم
بنقلها إلى جهاز صنع القرار .
ويعتمد أعضاء هذا الجهاز على المعلومات المستقبلية والذاكرة ( أي المعلومات
والخبرات السابقة المختزنة سواء في عقولهم أو في السجلات ) والقيم التي تحكم
تفصيلاتهم القرارية في اتخاذ قرار ما / يرسل إلى اجهز التنفيذ التي تتخذ الأفعال
والتدابير الكفيلة بتطبيقه .
هذه القرارات والأفعال التنفيذية تثير لدى المستقبلين ردود أفعال مختلفة
تتلقاها أجهزة الاستقبال لتحويلها بدورها إلى مركز القرار .
ويسمى ذلك بالتغذية العكسية التي قد تكون إيجابية تدفع النظام إلى إنتاج
السلوك نفسه ، أو سلبية تدفع النظام إلى تعديل سلوكه أو التحول عن الهدف الأصلي إلى
هدف جديد فيما لو اتضحت صعوبة تحقيقه .
ويستند تحليل أو مدخل الاتصال – كما صاغة دويتش – إلى مجموعة من افتراضات :
1. ترتبط قدرة النظام السياسي على استقبال
ومعالجة كل المعلومات الواردة إليه في أية لحظة زمنية بعدد وأنواع وحالة القنوات
الاتصالية المتاحة .
كما ترتبط بدرجة الدقة في جمع المعلومات ودرجة التشويه الذي يطرأ على
المعلومات فيما بين لحظة استقبالها ولحظة الاستجابة لها ، إذ كلما كان هناك عدم
دقة في جمع المعلومات ، أو ازدادت درجة التشويه ، لابد وأن يواجه النظام متاعب
استجابته ( قراره ) لن تكون للموقف الفعلي وإنما لتصور غير دقيق ومشوه لخصومه .
2. يرتبط نجاح النظام في تحليل المعلومات التي
يتلقاها بقدرته على استدعاء الخبرات والمعلومات المختزنة .
3. كلما قلت فترة الإبطاء – أي الفترة الزمنية
التي تقع بين استقبال المعلومات والاستجابة لها – دل ذلك على زيادة كفاءة النظام
في الاستجابة للمطالب .
4. اذا عالج النظام المعلومات على الوجه السليم
، فمن المتوقع أن تكون المعلومات على الوجه السليم ، فمن المتوقع أن تكون قراراته
كافية لتلبية المطالب .
5. يتطلب اكتساب النظام قدرة التعليم – أي القدرة
على تصحيح وتطوير سلوكه – أن يتخلى عن عادات وإجراءات وتصورات قديمة وأن يرسي بدلاً
منها عادات وتصورات وترتيبات جديدة .
وفي معرض تقويم مدخل الاتصال ، يؤكد انصار هذا المنظور على ثلاث مزايا أولها
: سهوله رصد وقياس عناصر النسق الاتصالية . وثانيها : معرفة العوامل المؤثرة في
استقبال المعلومات ، وثالثها : قياس تأثير الاتصال على أداء النظام السياسي .
أما المنتقدون فيأخذون على المدخل استخدامه مفاهيم مستعارة من فضاء هندسة
الاتصال والقوى في تحليل النظام السياسي الذي يباشره الإنسان صاحب العواطف التي
يصعب التحكم فيها أو التنبؤ بها .
كما يأخذون عليه أيضاً وجود عناصر في نسق الاتصال يصعب إخضاعها للقياس مثل
معنى الرسالة وشدة الرسالة ، والعلاقة بين مصدر الرسالة وتأثيرها .
هناك تعليق واحد:
Thanks for sharing your thoughts about legal us poker sites.
Regards
إرسال تعليق