الأحد، يوليو 24، 2011

النظرية السلوكية




السلوكية ‏

تيار فكري ومنهجي فرض نفسه بعد الحرب العالمية الثانية على العلم الاجتماعي ، ‏ومن ضمنه على السياسة بأمل أن يغدو علما حقيقياً أي علما متحرراً من القيم ، ‏وتحت تأثير الحركة السلوكية ، تعرض علم السياسة لتطورات ضخمة طالت نطاقة ‏مناهجه . ‏

فعلى صعيد النطاق ، بدأ التركيز على السلوك السياسي للفرد والجماعة بحسبان أن ‏سلوك البشر هو جوهر السياسة والحكم ، والفرد هو إذن وحدة التحليل ( الأمبيريقية – ‏الموضوعية ) ، صحيح أن معظم الدراسات السلوكية في السياسة تسعى إلى رصد ‏وتحليل السلوك السياسي لمجموعة أو مؤسسة أو صفوة أو دولة ، غير أنها تفترض ‏أن هذه التجمعات لا تنفصل عن سلوك أعضائها ، إذ يتفاعلون فيما بينهم بما يخلق ‏أنماطا من العلاقات يمكن إخضاعها للبحث العلمي . ‏

كما برزت ضرورة التنسيق بين البحث في الظواهر السياسية والبحث في الظواهر ‏المجتمعية بصفة عامة ، ذلك أن السلوك السياسي للفرد جزء من سلوكه العام ، ‏وبالتالي لابد من مراعاة الآثار المحتملة للعوامل غير السياسية على السلوك السياسي ، ‏وهكذا أضحت الدارسة السياسية دراسة تكاملية . ‏

كذلك راح علم السياسة يفصل ويميز بين ( الوقائع – والقيم ) ووصل الأمر ‏بالسلوكيين إلى القول بأن القيم ليس لها مكان في التحليل السياسي الذي ينبغي أن ‏يتحلى بالموضوعية والحياد من خلال دراسة ما هو قائم فحسب . ‏

ولا يعني ذلك بطبيعة الحال تجاهل السلوكيين للنظريات ولكن النظرية في عرفهم ‏ليست هي التي تصف الدولة الفاضلة أو الحكم الصالح ، وإنما هي التي تفسر السلوك ‏الإنساني ، بعبارة أخرى ليس النظرية المقصودة هي نتاج عقل مفكر أو أكثر ، بل ‏جسد من المعرفة يعطي معنى للشواهد الواقعية ويصف ويفسر العلاقات بين هذه ‏الشواهد . ‏

وعلى صعيد المنهج ، استعار علم السياسة العديد من المناهج والمداخل من حقول ‏معرفية أخرى : تحليل النظم ، والبنائية – الوظيفية ، نظرية المباريات ... الخ ، ( ‏انظر موسوعة العلوم السياسية – للأمم المتحدة ) .‏

كذلك أصبح البحث السياسي يستخدم في جمع البيانات أدوات يستعملها الانثوبولوجيون ‏والسوسيولوجيون مثل الاستبيان والمقابلة والملاحظة ، كذلك الباحثون يستخدم ‏الأساليب الكمية كالتدليل الإحصائي والرياضي وتحليل المضمون ، والقياس الاجتماعي ‏، والحاسب الآلي ... الخ ‏

ولا شك أن استخدام هذه الأدوات والأساليب الكمية قد فتح إفاقاً كثيرة في مجال البحث ‏السياسي ، إذ حدق توسع ضخم في كم ونوعية القضايا والموضوعات التي تخضع ‏للدراسة مما مكن من التوصل إلى تعميمات تفسر الكثير من الظواهر السياسية بدرجة ‏كبيرة من الوضوح ، على أية حال . ‏

على أية حال ، أتجه البحث السياسي خلال الستينيات من القرن الحال وجهة ( ‏امبيريقية صرفة – موضوعية بحته ) بسبب طغيان التيار السلوكي ، يشهد لذلك ‏الاهتمام المبالغ فيه بالتكميم والنظر للقياس كفاية بحد ذاته ، من هناك كان الاهتمام ‏بتناول موضوعات محددة الأهمية ، وبالتالي كان قصور علم السياسة في تحقيق ‏الاستقرار والرقي المادي والمعنوي للبشر ، لهذا ، وسعياً نحو تصحيح المسار ‏السلوكي ، برز وتبلور تيار : " ما بعد السلوكية " ، الذي رأى أنصاره وجوب تحول ‏البحث السياسي إلى موضوعات اكثر أهمية من ناحية وضرورة أخذ القيم بعين ‏الاعتبار من ناحية أخرى ، فالدراسة العلمية للسياسية ، حتى تكون أكثر جدوى ، يبغي ‏أن تعالج ما يجابه البشرية من مشكلات على نحو يؤدي إلى خلق واقع سياسي ‏واجتماعي أفضل ، ولا يمكن أن يتم ذلك بمعزل عن القيم التي تحكم حياة المجتمع ‏وتوجه تطوره . ‏

هناك تعليقان (2):

كريمة سندي يقول...

شكرا لك من كل قلبي عزيزي الفاضل فارس على التوضيح ألمثمر في مدونتي فقد استفدت منه كثيرا فلا يوجد لدي مرجع موثق .. لذلك كلامك كان به الجواب الشافي لمعنى البصيرة .. اللهم أنر بصيرتنا وقوي حجتنا اللهم آميند


أما موضوعك فهو جديد ومفيد ومركز الطرح والهدف سعدت بقرائته كثيرا

تحياتي الصادقة لك وشكرا مرة أخرى على الاهتمام

فارس عبدالفتاح يقول...

الفاضلة / سندي

ممنون لك وانا لا استحق كل ذلك لان المعرفة ميسرة للجميع ولكن المهم هو ان يبحث الانسان ويتعلم فليس التعلم عيبا العيب ان يكابر الانسان ويدعي في نفسه ما ليس فيها

تقبلي كل تقدير

فارس عبدالفتاح ٠٠ قومي عربي